الاثنين، 4 مايو 2015

قصة ميلتون هيرشي صانع عملاق الشيكولاته



ميلتون هيرشي صانع عملاق الشيكولاته

مدينة نموذجية، مصنع عصري، أعمال لها وزنها، هكذا تحقق حلم واحد من أكبر رجال الأعمال في يومنا الحالي”. بهذه العبارة وصفت صحيفة “ذي بيزنس وورلد” عام 1903 ما وصل اليه رجل الأعمال الأمريكي الشهير ميلتو هيرشي الذي يعد أحد كبار رجال الأعمال في الولايات المتحدة خلال القرن الماضي. واليوم وبعد مرور 60 عاماً على وفاته، ما زالت شركته “هيرشي” تعد بين أكبر شركات الشيكولاته على مستوى العالم حيث توظف أكثر من 13700 عامل وتدر عائدات سنوية من مبيعاتها تصل الى 4 مليارات دولار



ولد ميلتون سنافلي هيرشي يوم 13 سبتمبر/أيلول من عام 1857 في مدينة بنسلفانيا حيث تملك عائلته مزرعة تمتد على مساحة 350 فداناً، وكونه متحدراً من عائلة هاجر غالبيتها الى أمريكا من سويسرا وألمانيا خلال القرن السابع عشر كان هيرشي يتحدث الألمانية في صغره.

واتسمت حياة عائلة هيرشي بعدم الاستقرار، اذ أدى فشل والده في أعمال عدة الى تنقل الأسرة من مكان الى آخر، الأمر الذي زاد الضغوط على علاقة والديه وتسبب في انفصالهما في آخر الأمر.

واستقر هيرشي بعد ذلك مع والدته في مقاطعة لانكستر حيث تنقل بين 7 مؤسسات تعليمية مختلفة خلال 8 سنوات ليترك الدراسة تماماً بعدها ويلتحق بالعمل كمساعد لمحرر في صحيفة صغيرة تطبع بالألمانية في بلدته عام ،1871 لكنه لم يستمتع بعمله ولم يتقنه أيضاً، الأمر الذي أدى الى استغناء الصحيفة عن خدماته.

وصادف هيرشي حظاً أفضل لدى الالتحاق بوظيفة ثانية كمساعد في متجر لصناعة الأيس كريم والحلوى في لانكستر اذ صادفت الوظيفة هواه ليقضي السنوات الأربع التالية في تعلم فن صناعة الحلوى.

ولدى بلوغه التاسعة عشرة من عمره، قرر هيرشي الانتقال الى فيلادلفيا ليبدأ في انشاء شركته الخاصة لصناعة الحلوى فاقترض مبلغاً من المال من عمه ثم طبع لنفسه عدداً من البطاقات الشخصية والملصقات للدعاية لشركته الجديدة. ورافقته والدته ومعها خالته لمساعدته على البدء في تأسيس شركته. بيد أن الشركة الجديدة لم تدر أي أرباح على الاطلاق فاضطر الى اغلاقها بعد 6 سنوات.



لكن هيرشي لم ييأس بل سافر عبر الولايات المختلفة من دينفر الى نيويورك وشيكاغو ونيوأورليانز في محاولة لتغيير حظه، إلا ان سوء حظه كان ملازماً له هذه المرة أيضاً فعاد الى بنسلفانيا، إلا انه لم يعد يخفي حنينه اذ استفاد من رحلته هذه معلومة مهمة شكلت على بساطتها فارقاً مهماً حقق له نقلة في مسيرة عمله اذ تعلم ان الحليب الطازج هو الأنسب لصناعة أفضل أنواع الحلوى.

وكانت هذه المعلومة سلاحه السري في انشاء واحدة من أنجح شركات صناعة الحلوى، إلا انه لدى عودته في ذلك الوقت كان يشعر بصعوبة المهمة هذه المرة فهو لم يكن يملك المال الكافي لافتتاح شركته الخاصة، كما ان الفشل الذي سبق أن مني به مرتين أفقده دعم الكثير من المحيطين به.

لكن كان هناك شيء واحد لم يفقده رغم الفشل وهو حلمه بتحقيق النجاح في نهاية المطاف وعزيمته التي لم تلن أمام المشاق والمصاعب. وبالفعل تمكن هيرشي من اقناع أحد المستثمرين بدعمه مالياً، وسرعان ما انضمت اسرة والدته الى صفه ساعية الى دعمه وتعزيز جهوده لانجاح شركته هذه المرة. وأسهم كل هذا الدعم في تشجيع هيرشي، على اجراء المزيد من التجارب فنجح في التوصل الى وصفة حلوى خاصة أطلق عليها اسم “كريستال هيرشي 1” وهي عبارة عن حلوى الكراميل المصنوعة باستخدام السلاح السري الذي تعلمه في دينفر وهو الحليب الطازج.



وشكلت هذه الوصفة انطلاقته الحقيقية اذ تبدل حظ هيرشي وحصل سريعاً على طلبية كبيرة من مستورد بريطاني، واستطاع أن يؤمن القرض اللازم لتوسعة أعماله. وكانت هذه بداية نجاح شركته “لانكستر كراميل” التي تحولت في غضون 4 سنوات الى واحدة من أكبر شركات حلوى الكراميل في الولايات المتحدة.

وفي عام 1893 زار هيرشي ولاية شيكاغو الخطوة التي بدلت حياته بشكل كامل فهناك حضر معرضاً لمعدات صناعة الحلوى ولفت انتباهه القسم الألماني الذي كان يعرض أجهزة ومعدات صناعة الشيكولاته فقام بشراء خط انتاج كامل وشحنه الى لانكستر.

ووقتها قال هيرشي أدركت ان حلوى الكراميل بمثابة صرعة مرحلية لكن الشيكولاته من المواد الاستهلاكية الأساسية بالنسبة للبعض، وذلك ما جعله يقرر أن يبيع شركته مقابل مليون دولار، ولكنه احتفظ بجزء من المصنع وبحقوق صناعة حلوى الشيكولاته ليبدأ الانتاج بالفعل.

وبعد أن نجح في اتقان صناعة الشيكولاتة العادية وظف هيرشي المليون دولار، حصيلة بيع شركته، لشراء مزرعة عائلته في بنسلفانيا حيث أقام مصنعه الجديد، وقام بإطلاق شركته الجديدة “هيرشي للشيكولاته” عام 1905.
ومع نجاح شركته قرر هيرشي انشاء “مدينة الشركة الخاصة” ليقيم فيها العاملون في مصنعه وشملت المدينة كل شيء: المساكن، والمدارس، والمحال التجارية، والمتنزهات اضافة الى فندق ومستشفى وبنك وساعة للألعاب الرياضية وخدمات هاتف وكهرباء ومياه جارية، ووضع لهذه المدينة قوانين تكفل الأمن والأمان والرعاية الصحية. وكرس هيرشي وقته وجهده للتأكد من أن العاملين في شركته يلقون العناية الكافية بل وأقام لهم نظام حافلات ترولي لنقلهم الى المناطق المجاورة.. النظام الذي واصل عمله حتى عام 1946. ولا تزال مدينة هيرشي مزدهرة حتى يومنا هذا كمدينة صناعية وكوجهة سياحية بارزة في بنسلفانيا.

ونمت ثروة هيرشي ببلوغ نهاية العقد بصورة فاجأته هو شخصياً إذ تراكمت بسرعة فائقة لم يشهدها الاقتصاد الأمريكي من قبل وكرس هيرشي جزءاً من ثروته للأعمال الخيرية فأقام ملجأ للأيتام ليمنح العديد من الأطفال الأمن والتعليم بعد أن حرم منهما في طفولته. ونشأ صندوق هيرشي لتمويل مدارس صناعية للأيتام وبعد 10 أعوام قام بمنح الصفوف أسهماً من شركته بقيمة 60 مليون دولار.

وتوفي هيرشي عام 1945 عن عمر يناهز 88 عاماً، لكن اسهاماته الخيرية لا تزال حية الى اليوم. كما واصلت شركته “هيرشي لعب دورها كواحدة من أهم شركات الصناعات الغذائية في الولايات المتحدة.




http://www.personatty.com/najahatty/milton

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق