الخميس، 4 يونيو 2015

ملياردير السعودي سليمان الماجد.. صقر عقاري يحط حيث الصيد الثمين







من العمل الصيفي البسيط إلى عرش إمبراطورية عقارية تمتد عبر 3 قارات حب العقار كان يجري منه مجرى الدم في العروق منذ نشأته المبكرة، وظل هذا الحب يكبر ويكبر مع الأيام حتى جعله أحد رموز هذا القطاع ليس في المملكة العربية السعودية فحسب بل في المنطقة بأسرها، ولا نبالغ إذا قلنا وفي العالم أيضا، إنه الشيخ سليمان الماجد مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة "تنميات للتطوير العقاري" السعودية، والتي ظهرت بقوة على السطح في الإمارات ثم راحت تتنقل إلى دول أخرى مثل الهند وتركيا والسودان والأردن وشمال إفريقيا.

الشيخ سليمان الماجد، الذي صنفته "أرابيان بيزنس" على أنه أحد أغنى 50 رجل أعمال عربي بثروة تتجاوز المليار دولار، بدأ نشاطه من عرق جبينه من خلال العمل الصيفي حين كان طالبا.



ويتذكر سلميان أن والده قدم له مساعدة 10 آلاف ريال (الدولار يساوي 3.75 ريالات)، ورغم أن المبلغ كان صغيرا حيث كان إيجار المكتب ما بين 25-30 ألف ريال، إلا أن المساعدة الأبوية كانت دفعة معنوية كبرى حفزته على الانطلاق، ورغم ما حققه من نجاح كبير فإنه لا يحب الكشف عن قيمة مشاريع شركته ولا يحب أيضا الحديث عن مشروعاته المستقبلية إلا بالنذر اليسير، كما لا يحب أيضا أن يتحدث عن عطائه الاجتماعي، ومبادرات شركته لخدمة المجتمعات التي تعمل فيها رغم أن هذا أصبح أمرا مقررا وفق المعايير المعاصرة لتقييم الشركات، والتي تشمل أيضا المسؤولية الاجتماعية، لكنه يفسر صمته بأن تربيته الإسلامية وخصوصية المجتمع السعودي تمنعه من الحديث عن أعمال الخير التي يقدمها.



البداية في الرياض



في الرياض وبالتحديد في حي العجرية كان ميلاد الرجل، وفي الرياض أيضا كان ميلاد النشاط العقاري، وفي دبي كانت الانطلاقة الكبرى، رحلة تمتد لـ 44 عاما هي عمر الشيخ سليمان الذي ولد في الرابع من نوفمبر/تشرين ثاني 1962، رحلة مليئة بالعمل الدءوب والجد والمثابرة وتحمل الصعاب وتجاوز التحديات والمعوقات بروح المغامرة والطموح التي لا تحدها حدود، وبهذه الروح أصبح الماجد يتربع على عرش إمبراطورية عقارية ضخمة تمتد من الهند شرقا إلى إفريقيا غربا ومن السودان جنوبا إلى تركيا شمالا، ولا تزال تحلم بالتوسع إلى أماكن أخرى من العالم، فرجل الأعمال كما قال لنا الماجد هو "مثل الطير يغرد حيث توجد الفرص".



تلقى الشيخ سليمان الماجد تعليمه الأوّلي في مدرسة سالم بن علي الابتدائية وتعليمه المتوسط في معهد الإدارة العلمي، والجامعي في جامعة الإمام محمد بن سعود بقسم الاقتصاد الإسلامي، حيث تخرج في العام 1985، وكان والده مهتما كثيرا بتربية أبنائه، وكان مقاولا يعمل لديه 60 عاملا يمنيا، لكنه لفرط اهتمامه بتربية أبنائه وبناته ترك عمله وتفرغ لهذه التربية، كان الوالد حريصا على تربية أولاده تربية إسلامية، وعلى تحفيظهم القرآن، حتى أن الشيخ سليمان أتم حفظ القرآن في سن الثانية عشرة، وحرص الوالد أيضا على أن تكون دائرة صداقات أبنائه ممن يتصفون بالصلاح والاستقامة الدينية والخلقية.



أثناء الدراسة الثانوية كانت الخطوة الأولى على طريق العمل، حيث كان الطالب سليمان الماجد يعمل خلال فترة الصيف، وفي نهاية الصيف تكونت له بعض السيولة التي استثمرها مع بعض أقاربه في بعض الأنشطة العقارية، وفي هذا السن (17 عاما) بدأت الميول تتضح نحو القطاع العقاري، وفي العام 1982 أسس الماجد أول مكتب عقاري، وحسبما يصف الماجد لموقعنا لـ"الأسواق.نت" "كان المكتب متواضعا جدا ولكنه كان بالنسبة لي إمبراطورية، حتى أنني جهزته بنفسي من الداخل سواء بالدهانات أو الديكورات أو أثاث متواضع".



وكان تركيز الماجد على العمولات التي يتقاضاها من التأجير أو البيع البسيط حتى تخرج من الجامعة عام 1985.



الغزو العراقي بداية النقلة



كانت النقلة الرئيسة في حياته مواكبة لغزو العراق للكويت، حيث سبب هذا الغزو أزمة سكنية في المملكة، لكنه سبب حركة عقارية واسعة، وهبطت الأسعار بصورة غير طبيعية، ونشط مكتب الماجد في تلك الآونة بيعا وشراء، وفي العام 1995-1996 حقق الماجد أول صفقة عقارية قوية بمشاركة مع بعض المستثمرين الصغار، وبعدها بدأ يتوجه إلى الأراضي الخام في الرياض وجدة والدمام وجيزان ومناطق مختلفة أخرى من المملكة.



في بداية تأسيس شركة تنميات تشارك الشيخ سليمان مع شقيقه الشيخ محمد الذي كان مهتما بقطاع المقاولات وبالذات مقاولات الطرق والناقلات، وفي عام 1995 دخل الشيخان سليمان ومحمد في شراكة جديدة خارج العائلة مع الشيخين خالد وسعود ابني الشيخ ناصر الشتري، ومع نمو النشاط العقاري وتوفر السيولة كان لزاما أن ينطلق الماجد إلى خارج المملكة بحثا عن عوائد أفضل وأسواق أكثر تطورا، وكانت المحطة الأولى خارج المملكة في الإمارات وتحديدا في الشارقة ثم في دبي، ومن ثم أم القيوين وعجمان، ثم راحت القافلة تتحرك صوب الأردن والسودان وتركيا والهند، وكما قال لنا الماجد فإنه "يطمح إلى بناء كيان يسهم في دفع عجلة التنمية في منطقة الخليج والعالم العربي بل والعالم أجمع".



ويدافع الشيخ الماجد عن خروجه خارج المملكة فيقول "نحن لم نغادر المملكة فلا تزال استثماراتنا بالمملكة قائمة، كما أن انتقال رجال الأعمال خارج أوطانهم هو أمر تقليدي، فالمستثمر طائر يرفرف ويحط حيث يجد الفرص المناسبة، والمستثمرون ورجال الأعمال السعوديون منذ منتصف القرن الماضي خرجوا إلى الهند والكويت والعراق وأوروبا وأمريكا، بالإضافة إلى أن خروج أي مستثمر سيعود بالفائدة على بلده سواء برؤوس أموال وسيولة أو بخبرات جديدة".



كذبة الفقاعة العقارية



ويرفض الشيخ سليمان الماجد دعاوى ومخاوف الفقاعة العقارية في دبي، ويرى أن هذه النظرة التشاؤمية تعتمد على أسس غير علمية وقصر نظر، فالمنطقة سواء في الخليج أو الهند والصين وتركيا وشمال إفريقيا لم تحظ بما تستحق من تنمية عقارية وسياحية، والمنطقة الخليجية بالذات الغنية بنفط وصلت أسعاره لمستويات قياسية أصبح مواطنوها بحاجة إلى مستوى معيشة يتناسب مع هذه الطفرة الاقتصادية.



ويرى الماجد أن المملكة السعودية مقبلة على طفرة كبيرة ظهرت بوادرها في المدن الاقتصادية، مشيرا إلى أن هناك العديد من المعطيات التي ترشح المملكة لمزيد من التطور وأبرزها...



1- العجز الكبير في الوحدات السكنية الذي يقدر بـ1.5 مليون وحدة، وارتفاع حجم الطلب إلى 80 ألف وحدة سنويا، وهو طلب كبير لا تستطيع الشركات العقارية تلبيته إلا بحدود 10 آلاف وحدة سنويا، وبالتالي سنحتاج إلى سنوات لتلبية الطلب الذي يتزايد بدوره عاما بعد عام.



2- تغير سلوك المواطن والمقيم في المملكة، فبعد أن كان يكتفي بشقة من غرفتين أو ثلاث غرف فإنه يطلب اليوم بيئة متكاملة توفر له ولعائلته معيشة في جو عائلي مريح سواء بوجود متنزهات أو مراكز خدمية أو مراكز تسوق، وهذه الأشياء كان يتم توفيرها في المملكة من قبل للأجانب فقط في مجمعات مغلقة لا يدخلها المواطنون.



3- مع الطفرة النفطية والنهضة الاقتصادية ارتفعت الدخول، وزاد الإنفاق على السياحة والسفر لدرجة تظهر جليا في صعوبة حجز التذاكر إلا قبل وقت كاف، وقد دفع هذا النشاط السياحي الهيئة العليا للسياحة لطرح خطة كبرى لتنمية القطاع السياحي دعت إليها رجال الأعمال والمستثمرين، وسيظهر هذا الجهد تباعا.



عودة قوية للمملكة



ومع هذه الطفرة المتوقعة في الملكة يعترف الماجد بأن شركته بدأت تعيد حساباتها لتوجيه جزء أكبر من استثماراتها إلى داخل المملكة، كما فعلت شركات عقارية كبرى مثل داماك وإعمار، لكنه يرى أن تطوير السوق السعودية سيأخذ بعض الوقت لكونها سوقا كبيرة، كما يرى أن تأخر صدور قانون الرهن العقاري لم يكن في صالح القطاع، لكنه يلتمس العذر لصانع القرار في المملكة الذي يأخذ بعين الاعتبار كل التعقيدات والتداعيات المحتملة لصدور هكذا قانون على الوضع الاقتصادي وعلى حالة التضخم، ويشير أيضا إلى أن صوت المستثمرين ورجال الأعمال أصبح اليوم مسموعا من أعلى المستويات في المملكة.



النجاحات المتتالية التي حققها الشيخ سليمان الماجد في حياته العملية لم تأت بسهولة، بل واجه الرجل العديد من العقبات والتحديات؛ لكنه تغلب عليها بثقته في نفسه وفي شركائه، يقول "أنا شخص جريء جدا في اتخاذ القرار، وأحيانا أتخذ قرارا لصفقة بمليون أو عشرة ملايين بينما الرصيد لا يكفي سوى 10% من قيمة الصفقة، ولكنني أستطيع تغطية الباقي من المستثمرين، ولم نلجأ إلى التسهيلات البنكية حتى الآن؛ لأننا لا نرغب في هذه التسهيلات إلا إذا كانت تقدم إضافة قيمة لمشاريعنا"، ويضيف أيضا "واجهنا مشكلات لا تخطر على بال في شح السيولة، ولم نلجأ إلى تصفية أو توزيع الأرباح منذ أن بدأنا حتى الآن، وكل الأرباح التي تتحقق يتم إعادة ضخها في مشاريع جديدة، ورغم أن هذا يسبب لنا ضيقا في الحياة إلا أن عزاءنا أننا لا نرضخ لأية ديون ترهقنا"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق