الأحد، 26 أبريل 2015

قصة نجاح شركة DHL


DHL ...البداية من رحلة سان فرانسيسكو - هونولولو



يرمز الاسم التجاري DHL إلى الأحرف الثلاثة الأولى من ألقاب مؤسسي الشركة الثلاثة، وهم (أدريان دالسي) و(لاري هيلبوم) و(روبرت لاين). فقد أسس الثلاثة الشركة في العام 1969م، وبينما كان الأمريكي (نيل أرمسترونج) يخطو الخطوات الأولى للجنس البشري على سطح القمر كان الأصدقاء الثلاثة يخطون خطواتهم الأولى نحو تأسيس وكالة جديدة للشحن السريع ستنجح فيما بعد في إحداث ثورة جذرية في مفهوم نقل الطرود الشخصية والتجارية حول العالم.

بدأ المؤسسون الثلاثة نشاط الشركة بشحن المستندات والوثائق شخصياً عبر الرحلات الجوية من سان فرانسيسكو إلى هونولولو (عاصمة ولاية هاواي الأمريكي)، وكان أسلوبهم في نقل الطرود يقوم على فكرة إنجاز القدر الأكبر من عملية التخليص الجمركي والتسوية على متن الطائرة وقبل وصول الرحلة إلى وجهتها النهائية، الأمر الذي كان يبسط ويسرع بشدة إجراءات التخليص اللازمة في المطار بحيث يصبح التسليم إلى العميل المرسلة المواد إليه شبه فوري بمجرد وصول الطرود إلى مطار الدولة المرسلة إليها، ومما لا شك فيه أن سرعة التسليم تلك كانت هي غاية ما يسعى إليه أصحاب الأعمال الذين يمكن أن يؤدي أي تأخر في تسلمهم المواد المرسلة إليهم ولو كان قصيراً إلى إلحاق خسائر كبيرة بهم، وهكذا فإن أولئك لم يكونوا يبالون كثيراً بارتفاع تكلفة الشحن السريع طالما أنه يبقى سريعاً بحق في الممارسة العملية.

وبداية من العام 1971م بدأت الشركة، التي أصبح مقرها في سان فرانسيسكو الأمريكية، تحقق نمواً متصاعداً وأصبحت شريكاً موثوقاً به لعدد كبير من الشركات الأمريكية والأوروبية الكبرى، كما بدأت الشركة في العام نفسه توسيع أنشطتها لتشمل الشحن السريع للطرود والمستندات إلى دول الشرق الأقصى والمحيط الهادي، وبحلول العام 1974م كانت الشركة قد حققت لنفسها تواجداً راسخصاً في كل من اليابان وهونج كونج وسنغافورة واستراليا والمملكة المتحدة. وفي الفترة بين عامي 1976و1978م بدأت الشركة تخدم العملاء في الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وافريقيا ولكن على نطاق ضيق نسبياً. وفي العام 1977م أنشأت الشركة فرعها الأول بفرانكفورت الألمانية ليصبح ذلك الفرع هو الفرع الأكبر للشركة خارج الولايات المتحدة إلى اليوم.

ويلاحظ أنه حتى نهاية السبعينيات كانت الشركة تركز بالمقام الأول وشبه الحصري على أنشطة الشحن السريع للمستندات والوثائق ولم تكن تود التوسع في خوض المنافسة في حقل الشحن السريع للطرود والإرساليات الثقيلة أو الضخمة، وكان السبب وراء ذلك هو صعوبة عمليات شحن الطود الضخمة وتدني هوامش الربح التي يمكن تحقيقها عبرها، الأمر الذي كان يجعل مؤسسات البريد الرسمية التابعة للحكومات تكاد تحتكر تلك العمليات. ولكن بداية من عقد الثمانينات من القرن الماضي بدأت الشركة تتوسع أيضاً في أنشطة شحن الطرود الثقيلة والضخمة، وتزامن ذلك مع إنشاء الشركة في العام 1983م مركزاً رئيسياً لتجميع الطرود والتنسيق بين عمليات شحنها حول العالم وذلك في مدينة سينسيناتي الأمريكية، وقد أتبعته الشركة بمركز تجميعي آخر في بروكسل عاصمة بلجيكا كان له الفضل في أن تصبح دي أتش أل أول شركة شحن عالمية تخدم دول أوروبا الشرقية آنذاك.

وبداية من العام 1990م شرعت الشركة في عقد شراكات مع كبريات شركات الطيران والخطوط الجوية حول العالم، وذلك رغبة منها في ضمان سرعة واعتمادية أكبر في شحنها الطرود من وإلى مختلف بقاع الكرة الأرضية. فقد عقدت الشركة بداية من ذلك العام اتفاقيات شراكة وتعاون طويلة المدى مع خطوط لوفتهانزا الألمانية والخطوط الجوية البريطانية وغيرها من شركات الطيران العالمية، الأمر الذي نجح لحد كبير في تعويض الشركة عن النقص الذي كانت تعاني منه قياساً بمنافستها التقليدية شركة FedEx التي كانت تمتلك طائرات خاصة بها منذ منتصف الثمانينيات بما كان يتيح لها مرونة وسرعة أكبر في نقل الطرود.

وفي العام 1993م، وبعد انتهاء حرب الخليج الثانية، اقتحمت دي أتش أل السوق العربية والخليجية بقوة بإنشائها مركزاً تجميعياً كبيراً بدولة البحرين. وبعد ذلك بست سنوات عقدت الشركة اتفاقية شراكة وتعاون مع هيئة البريد الألمانية أصبحت بمقتضاها الأخيرة من كبار المستثمرين المساهمين في الشركة، وبالتالي اكتسبت الشركة جنسية مزدوجة أمريكية - ألمانية.

وبعد أن اقتنعت الإدارة العليا للشركة باستحالة استمرارها في منافسة FedEx بدون أن تملك أسطول طيران خاص بها، اتجهت الشركة في العام 1999م ولأول مرة في تاريخها إلى شراء 34طائرة شحن حديثة من طراز Boeing 757SF وبالتالي لم تعد الشركة منذ ذلك الحين بحاجة إلى الاعتماد على أسطول الطيران التابع للبريد الألماني، الأمر الذي أراح الشركة بمقتضاه أيضاً من الهجوم المتواصل الذي كانت تتعرض له في وسائل الإعلام العالمية بسبب الانبعاثات العالية لثاني أكسيد الكربون التي كانت تتولد عن الطائرات الأقدم فئة B737F التابعة للبريد الألماني والتي كانت الشركة تضطر للاعتماد عليها، حيث إن الفئة الجديدة F 757تتميز بانخفاض معدلات انبعاث ثاني اكسيد الكربون بنسبة 77% مقارنة بالطرازات الأقدم.

وفي يناير من العام 2002م أنشأت الشركة مركز إدارة وتحكم إلكتروني عالمياً جديداً في مدينة سكوتسدايل الأمريكية، كما أنشأت الشركة بعد ذلك مركزين جديدين للتحكم الالكتروني في لندن وكوالالمبور عاصمة ماليزيا.

وما زالت الشركة ومنذ مطلع الألفية الميلادية الثالثة تحقق نمواً هائلاً سواء في حجم أعمالها وأرباحها، أو في عدد الدول التي تخدمها، أو في عدد شركائها التجاريين الذين يعتمدون عليها اعتماداً متزايداً في إرسال واستقبال الطرود والشحنات والمستندات.

ورغم أن العقد الحالي هو عقد البريد الالكتروني والتجارة الالكترونية بما يعنيه ذلك من خفض ملحوظ في عمليات ارسال المستندات بالبريد الجوي، فإن الشركة استطاعت مواجهة تلك النقلة النوعية بكفاءة عالية وذلك عبر اتجاهها نحو التركيز بدرجة كبيرة وأكثر احترافية على مساعدة الشركات على تسهيل والاسراع بعمليات التصدير والاستيراد التي تلزمها، فضلاً عن مساعدة الأفراد في إرسال الطرود الضخمة والمتوسطة الحجم إلى اقربائهم وشركاتهم حول العالم في فترات زمنية قصيرة للغاية تصل في كثير من الأحيان إلى أقل من يوم واحد حتى وإن كانت عملية الإرسال تتعلق بشحن طرود ما من قارة إلى أخرى. وهكذا تثبت دي أتش أل قدرتها الفائقة على مواكبة كافة التغيرات والتحديات واتخاذ القرارات الصائبة في الأوقات المناسبة، ولعل هذا هو سر نجاحها الأبرز.







المرجع

http://www.alriyadh.com/317025

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق